THOUSANDS OF FREE BLOGGER TEMPLATES

14 مايو 2009

أوبامــا في القاهرة: هل بالنوايا الطيبة تحيــا الشعوب؟


أوبامــا في القاهرة: هل بالنوايا الطيبة تحيــا الشعوب؟
بقلـــم: د. عمرو الشوبكي ١٤/ ٥/ ٢٠٠٩



بقدر ما أثارت زيارة أوبامــا لغطـًا كبيرًا داخل مصر وخارجها، أثارت أيضا جدلاً واسعـًا داخل الولايات المتحدة، فرفضها جانب كبير من النخبة الأمريكية، معتبرين أن مصر ليست المكان المناسب لإلقاء أوبامــا لخطابه، نتيجة سجلها السلبي في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، والبعض الآخر اعتبر أن دور مصر المتوائم مع الرؤية الأمريكية، يجعلها مكانًا مناسبًا لإلقاء هذا الخطاب كنوع من «المكافأة غير المكلفة»، أو نوع من التقدير لاستجابة مصر لكثير من التصورات الأمريكية خاصة فيما يتعلق بعلاقتها الطيبة مع إسرائيل.

وبعيدًا عن كل هذا التباين والجدل السياسي، فالمؤكد أن مصر التاريخية باقية، وأن دور الأزهر الفكري والثقافي على مدار التاريخ لا يمكن إنكاره بصرف النظر عما أصابه مؤخرًا من تراجع وانغلاق.

ولعل السؤال الكبير الذي طُرح مصريًا يتعلق بدلالة الزيارة، وهل مجيء أوبامــا إلى القاهرة يعنى تغليب المصالح الإستراتيجية الأمريكية على أي رؤى مبدئية تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان؟ أم أن القضية ليست أبيض وأسود، وأنه لا توجد دولة يمكن أن تتنازل عن مصالحها الإستراتيجية لصالح نشر قيم الديمقراطية، بما يعنى أن الوارد هو دعم التطور الديمقراطي، أو بالأحرى خلق مناخ عالمي يساعد على عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي (لا فرضه بالقوة أو بالضغوط) دون أن يكون ذلك بالضرورة على حساب المصالح الأمريكية، فإذا كانت المبادئ حاضرة في السياسة، فالمؤكد أن المصالح مهيمنة.

ومع أن هناك رسالة أخلاقية لأوبامــا ، ونوايا طيبة تجاه العالم العربي والإسلامي، وتجاه القضية الفلسطينية والشعب الإيراني، فإن هذه النوايا لن تصنع بمفردها سياسات الإدارة الجديدة، التي ستكون في النهاية مزيجــًًا بين نواياه الطيبة، وتوازنات القوة وحسابات المصالح التي تقف إسرائيل في مقدمتها، في مقابل ضعف عربي شامل.
المؤكد أن زيارة أوبامــا للقاهرة هي تأكيد على الشق الأول من مشروعه ( نواياه الطيبة، أحلامه الواسعة، خبرته العلمية، موهبته الشخصية) ولكنها لن تغير كثيرا في الشق الثاني، المتمثل في ترجمة النوايا إلى سياسات، لأن الطرف المصري والعربي والإسلامي لا يزال عاجزًا عن التأثير فيها.

ولذا يبدو الأمر غريبًا أن يستمر بعضنا في مطالبة أوبامــا بحل كل قضايانا، متناسين أن قراراته ستحكمها ليس فقط مصالح أمريكا إنما أيضـًا توازنات القوة في العالم، فلا يمكن لأوبامــا، ومهما كانت درجة دعمه للقضية الفلسطينية، أن يقدم حلاً يضغط به على إسرائيل في ظل انقسام فلسطيني داخلي بدا كأنه غير قابل للحل؟

وهل نظرة أوبامــا وأي رئيس منتخب بشكل ديمقراطي لدولنا ومجتمعاتنا التي تغط في سبات عميق، وتعرف نظمًا سلطوية، هي نفس نظرته لأعدائنا الذين يعيشون في دول ديمقراطية مهما كان حجم الجرائم التي يرتكبونها بحقنا.

لقد عكس مجيء أوبامــا للسلطة قدرة المجتمع الأمريكي على التحرك والديناميكية، فقد عرف تجربة ثرية، لم تخل من محن ومآسٍ، ولكنه ظل المجتمع الغربي الأكثر حيوية في الداخل وربما الأكثر قسوة في الخارج، وأعطى – دون عقد – لكل من يعيش على أرضه فرصًا حقيقية للترقي الاجتماعي والسياسي.

والحقيقة أن ظاهرة أوبامــا تعد واحدةً من أهم مظاهر التجديد داخل المجتمع الأمريكي، فالرجل ينتمي إلى الأقلية العرقية التي عرفت تاريخًا طويلاً من الاضطهاد داخل أمريكا، ونجحت في منتصف الستينيات أن تقضى على التمييز القانوني الذي تعرضت له لعقود طويلة.

والمدهش أن تغير أمريكا ظل دائمًا يجرى بسرعة مدهشة، نظرًا لحداثة المجتمع الأمريكي مقارنة بنظرائه في أوروبا، فمن المستحيل في الوقت الراهن تصور وصول مواطن من أصول أفريقية أو عربية إلى سدة الرئاسة الأولى في المجتمعات الأوروبية، رغم أنها لم تعرف تمييزًا عنصريـًا مثل أمريكا، كما أن مجتمعاتنا العربية لا يحلم فيها أي مواطن ينتمي إلى دين أو ثقافة الأغلبية بالوصول بشكل ديمقراطي للسلطة، فما بالنا بمواطن ينتمي إلى أقلية دينية.
من المؤكد أن أمريكا التي دعمت كثيرًا من النظم الاستبدادية في الستينيات، بل شاركت في ترتيب انقلابات عسكرية للقضاء على نظم ديمقراطية، عادت ودعمت تطبيق الديمقراطية في كثير من دول العالم، ولكنها في نفس الوقت قامت بكثير من المغامرات العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية، واحتلت العراق دون سند قانوني تحت حجة بناء الديمقراطية، وقتلت مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء ثمنًا لـ«ديمقراطية» لم تأت.

المؤكد أن أمريكا حين تدعم الديمقراطية في بعض بلاد العالم، فإنها تدعم مصالحها أيضـًا، خاصة بعد أن تولدت لديها في أعقاب اعتداءات ١١ سبتمبر قناعة ترى أن تصاعد الإرهاب راجع لغياب الديمقراطية عن العالم العربي ، ولكنها نسيت أو تناست النصف الثاني من الحقيقة، وهو أن غياب العدالة الدولية ووجود «الاستثناء الإسرائيلي» كحالة تنتهك القوانين والشرائع الدولية هما أيضاً سبب رئيسي وراء تصاعد الإرهاب.

من المؤكد أن هناك أسبابـًا كثيرة وراء انحياز أمريكا المطلق لإسرائيل منها وجود دور مؤثر للوبي اليهودي على صانع القرار في البيت الأبيض، ويرجع ليس فقط لقدراته التنظيمية إنما أساسًا لكون خطابه أصبح أحد ثوابت الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي، ونجح في ربط الدفاع عن إسرائيل بالدفاع عن الديمقراطية ومحاربة الإرهاب والعنصرية، وهذا ما فشلنا أن نثبت عكسه نحن العرب.

من الواضح أن الحكومات العربية لن تغير من هذا الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، لأنه ليس لديها الكثير الذي تقدمه، إنما أصبح هناك أمل في ظهور جيل عربي أمريكي جديد يتقن قواعد اللعبة السياسية الأمريكية، وقادر على التأثير فيها، ويستفيد من تلك الفرص الهائلة التي يعطيها النظام السياسي الأمريكي لكل الأقليات العرقية والدينية، خاصة مع مجيء رئيس يمثل إحدى هذه الأقليات.

أما أمريكا فلن تتغير من أجلنا حتى لو زار أوبامــا مصر ١٠ مرات، فهي تدافع أولاً عن مصالحها، وقدمت نموذجـًا داخليـًا فيه كثير من عوامل القوة والجاذبية التي جعلته يتغير بهذا الشكل المذهل، ومازلنا نحن نقيّمه على ضوء ما سوف يفعله أو لا يفعله لنا، مع أن المطلوب أن نعمل نحن من أجل أنفسنا ومصالحنا وليس من أجل أمريكا ولا أي دولة أخرى في العالم.
إن الأمريكيين قاموا بواجبهم (homework) تجاه نظام الحكم الذي جثم على صدور أمريكا والعالم ٨ سنوات، واختاروا إدارة جديدة مختلفة فكريـًا وسياسيـًا عن الإدارة الراحلة، في حين بقينا نحن «محلك سر»، لم يتغير عندنا حاكم واحد في أي انتخابات، وبالتالي من الصعب أن ننتظر من المجتمعات التي غيّرت حكامها بطريقة سلمية أن تعطى شيئـًا يذكر لتلك التي تبلدت في أماكنها.

5 التعليقات:

ســـــاره يقول...

ليه مصر مش المكان المناسب؟!
انا بشوفها افضل مكان لأنها نقطة التقاء
افريقيا بآسيا.. بوابة بين الدول العربية
لو مصر ليها زلة فأمريكا ليها زلات
عادي يعني واوباما عارف ده عشان كده ماترددش لحظة في جيته..

اللي انا مستغرباله ..
اوباما زار دول كتير .. ليه زيارته لمصر هي الوحيده اللي خدت كل الصدى ده؟ ليه الموضوع كبر بالشكل ده؟

حاسة ان في حاجه انا مش فاهماها D:

Here i'm يقول...

متابع أنا أقتباسات المصرى اليوم :D

ياريت لو عايزيين تفهموا الراى اللى انا شايفه انه تحفة فى القصة دى ..

مقال سليمان جوده النهاردة و اول أمبارح عن الزيارة

Cinderella يقول...

كباري :D
البركة فيك انت وفلة خلتوني أدمنتها بعد ما كنت بقرأ الأهرام والدستور :D
وأنا معاك في مقالة سليمان جودة بتاعة امبارح والنهاردة :D رغم إنه ماليش في السياسة بس حسيت إنه المقالتين دول .. هما أقرب تحليل للزيارة دي مع االمقال اللي نزلتها دي كمان :)


سارة نورتي يا قمر :D

dr.lecter يقول...

ماتتوقعوش الكتير

هي مجرد حاجه كده من علي وش القفص علشان المجاملات

Maga يقول...

الهجص اليوم

ما علينا

للاسف احنا مبنتعلمش من الماضي

امريكا بتستخدم مبدأ شعرة معاوية رضى الله عنه الغبي اللى قبل اوباما قطعها انما اوباما وحزبه عندهم صبر علشان يحققوا اللى هما عايزينه ولو متحققش يقطوعها
وادينا قاعديين بنتفرج ...